إنّ من أهمِّ القضايا الفقهيّة التي ترتبط بالحياة الاجتماعيّة خروج المرأة للعمل، وبالتالي الاختلاط بالرجل في مكان العمل. وقد أثّرت هذه المسألة في مجال التربیة فضلاً عن الفقه؛ لأنّ خروج المرأة للعمل يُلقي بظلاله على عمليّة تربية الأبناء ويتسبّب في أضرار نفسيّة وعاطفيّة للأولاد، فمن الممكن أن يخضع أساس التربية الأسريّة التي تؤدي فيها المرأة «كأم» دوراً محوريّاً، لتغييرات سلبيّة جوهرية. أمّا الإسلام فهو لا يمنع من اختلاط الجنسين بشکل عام، إن لم یقتض ذلك أن يخلو الرجل بالمرأة الأجنبیّة في موضع یأمنان من دخول أحد علیهما. ویری البعض، أنَّ كلمة الاختلاط بالمعنى المذكور هي مصطلح جديد في الثقافة الإسلاميّة، وفي المقابل یحرّم البعض بشكل مطلق الاختلاط بين الجنسین، ويعتقدون أنّه بحسب النصوص القرآنیّة والروائیّة، قد حُرّم على المرأة الخروج للعمل وترك البیت لمدةٍ طويلةٍ؛ لأنّ ذلك يؤدّي في العادة إلی الاختلاط بغير المحارم. وقد بحث هذا المقال في الحكم الفقهي لعمل المرأة في افتراض الاختلاط بغیر ذوي المحارم، وكذلك الآثار التربويّة لعمل المرأة خارج البیت بأسلوب البحث الاجتهادي. وتظهر نتائج فحص الأدلة على أن مطلق الاختلاط بين الرجل والمرأة لیس محرَّماً، لكن تترتب علیه الحرمة باحتمال حدوث الفتنة والوقوع في ورطة الحرام، وكذلك إذا كان لعمل المرأة تأثيرٌ سلبي في تربیة الأولاد خاصةً في سنین مبكّرة، فيمكن الحكم بكراهته وأحیاناً بحرمته.